الخميس، 21 فبراير 2013

مرة أخرى.. عن الرئيس والجماعة

قبل أيام هاتفت صديقًا إخوانيًا للسلام عليه، فرد على بالقول إنه فى مكة من أجل العمرة، فسألته الدعاء، فداعبنى قائلا انه جاء من أجل الدعاء على الإعلاميين والصحفيين الذين يضللون الناس، ضحكنا معا، ثم ألححت عليه بدعوة صادقة من أجل الصحة والستر، فوعدنى أن يفعل.

قبل أن تنتهى المكالمة قال لى انه قرأ ما كتبت عن ضرورة ابتعاد الرئيس مرسى قليلا عن جماعة الإخوان حتى يتمتع بهامش حركة تقنع الناس انه رئيس لكل المواطنين وليس للإخوان فقط، مؤكدا ان محمد مرسى رئيس لكل المصريين فعلا لكن خصومه لا يريدون أن يروا ذلك، أو يصدقوه.

بعد المكالمة بدقائق تلقيت اتصالا من قيادى إخوانى آخر تحدث عن نفس الموضوع، فأقسم لى أن الاخوان يعرفون ببعض قرارات الرئيس محمد مرسى من وسائل الإعلام شأنهم شأن بقية المواطنين، مضيفا انهم ــ أو على الأقل بعضهم ــ كان له رأى معارض ضد هذه القرارات لكنهم لم يتمكنوا من إعلان ذلك للرئيس.

سألت إخوانيا ثالثا عن نفس الموضوع فكان أكثر خيالا حينما قال لى إن الاخوان لم يعلموا بقرار مرسى بإحالة المشير حسين طنطاوى والفريق سامى عنان الى التقاعد إلا من الإعلام، ضحكت بأعلى صوتى وقلت له إما أنك مجنون أو تعتبرنى مجنونا عندما تحاول أن تقننعنى بهذه الرواية. والسبب أن قرارا بمثل هذه الخطورة يحتاج للتجهيز والاعداد، بل والحشد من قبل قطاعات عديدة داخل الجماعة خوفًا من حدوث أى تداعيات.

سياسيا ينبغى أن يبتعد الرئيس عن جماعته قليلا، لكن ليس ذلك بالطبع هو جوهر الأمر وبيت القصيد، لأن الرئيس لو حقق إنجازات ملموسة على الارض وشعر بها الناس، ما كانوا تحدثوا وقتها عن التداخل ما بين الرئاسة والجماعة، ولربما خرجوا الى الشوارع رافعين صور المرشد وسائر أعضاء مكتب الارشاد.

المشكلة أن الناس لم يروا إنجازات حتى هذه اللحظة وفى نفس الوقت يخشى بعضهم أن تفقد الدولة هويتها ويتم صبغها بلون واحد هو لون الجماعة.

إن أعضاء جماعة الاخوان ربما يكونوا قد انتخبوا محمد مرسى باعتباره ابن الجماعة والذى سيحاول أن يطبق أفكارها على الأرض، لكن بقية الذين انتخبوه ــ وهم يزيدون على ضعف من صوت له من الجماعة ــ كانوا يريدونه رئيسا لكل المصريين.

نعود لجوهر الموضوع مرة أخرى ونسأل: هل يفرق كثيرا أن يعرف قيادات الإخوان بقرارات مرسى قبل صدورها أم بعد، وهل تفرق كثيرا أن يحاولوا فرض بعض القرارات عليه ام لا؟!.

البعض قد يرى ذلك مهما، لكن تقديرى الشخصى انه لا يمثل فارقا كبيرا، وسيظل الفارق الجوهرى هو ما يتحقق على الأرض.

مرة أخرى من قبيل التزيد مطالبة الرئيس بالانفصال التام عن جماعته لأنها هى التى أوصلته لللحكم، وهناك احتمال كبير أن تفوز هذه الجماعة مرة أخرى بغالبية مقاعد مجلس النواب المقبل، ووقتها سيكون لديها صلاحيات واسعة فى ضوء زيادة صلاحيات مجلس الشعب والحكومة.. فماذا سنفعل وقتها؟!.

هل نطالب الرئيس بعدم الاستجابة لمطالب الحزب الفائز بغالبية المقاعد ومخالفة الدستور، أم عدم احترام نواب البرلمان.

الحل العملى أن نركز أكثر على سياسات الرئيس ورؤية الحكومة، بغض النظر عمن وضع البرنامج أو من كتب صياغة القرار، هل هو الرئيس أم الجماعة وهل جاء من المقطم أ              م من الدوحة؟!.

وجود مجتمع سياسى حى وعفى هو الذى سيمنع الأخونة، وهو الذى سيجبر الاخوان والرئاسة على ضرورة تحقيق إنجاز حقيقى على الأرض.. أما موت هذا المجتمع المدنى والسياسى، فسوف يعنى أن الأخونة أمر واقع لن يستطيع أحد منه.
عماد الدين حسين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق