السبت، 12 يناير 2013

أين النهضة التي وعدونا بها؟

لا أعتقد أن هناك سؤالاً يتردد حالياً على ألسنتنا أكثر من سؤال : أين النهضة التي وعدونا بها؟

والسؤال الأهم : ماذا فعل الرئيس منذ توليه الحكم ؟

لقد دفع الإخوان بمرشح لهم وهم يدركون أنهم يتقدمون على دولة نتاج إرث 60 عام (21600 يوم) من الفساد المالي والإداري والأخلاقي والسياسي والاقتصادي .. وعلى سبيل المثال لا الحصر:-

البورصة :: يتحكم فيها أحمد عز ورفاقه.
الدولة :: يتحكم فيها مبارك وعائلته.
الاقتصاد :: في قبضة رجال أعمال الحزب الوطني.
الإعلام :: يتملكه رجال أعمال الحزب الوطني أيضاً.
رجال القضاء والنيابة :: يكتظان بالفاسدين والفاشلين الحاصلين على تقدير مقبول ومعينيين بالواسطة.
الجيش :: يُرقى فيه من يرضى عنه جنرالات مبارك فقط ، وملئ بالفساد المالي والإداري.
الداخلية :: الذراع الباطشة للمخلوع كما هي عقيدتها الاستعلاء وخدمة الدولة العميقة ضد الشعب.
الوزارات :: لا يصعد في مكاتبها إلا من تلوثت يداه بالفساد.

إلى آخر فساد الدولة الشمولية التي ما تركت مجالاً واحداً إلا وأفسدته بالسرقة والواسطة والنهب.

تسلم الرئيس السلطة في وسط هذه الدولة المفككة وهو ليس مستقلاً في قراره ولا حراً في إرادته .. فالمجلس العسكري له شريك في قصر الرئاسة ، والعسكر هو من يستقبل السفراء والوفود ويصرح ويتكلم ويصدر بيانات ويجتمع .. كما أن العسكر هو المشرع الوحيد في الدولة وله حق إصدار أي قانون أو إعلان دستوري.

تسلم الرئيس السلطة ومحكمة مبارك قد حلت له مجلس الشعب .. تسلمها في وجود نائب عام (وما أدراك ما صلاحيات النائب العام) متستر فاسد يحارب النظام الجديد .. تسلمها وفقاً لإعلان دستوري مكبل يجعله رئيساً بلا صلاحيات .. تسلمها بوزارات يقودها الجنزوري ثم هشام قنديل فرضها عليه العسكر المتحكم الحقيقي للدولة آنذاك.

تسلمها والفلول يخرجون من السجن الواحد تلو الآخر ثم انضمت إليهم النخبة المتعفنة لتقف معهم في مواجهة الرئيس الجديد .. تسلمها والإمارات مرتجفة من تصدير الثورة لها مما دقعها إلى التصريح شبه يومياً بسقوط الإخوان وهزيمة الرئيس مما دفعها إلى تحويل الملايين إلى رصيد رجال أعمال الحزب الوطني.

الناظر لهذا الرئيس الوهمي يقول أن هذا الرجل الذي يقف منفرداً وحيداً بلا صلاحيات ولا معين ولا شريك في مواجهة الدولة العميقة المتأصلة الفساد سيسقط لا محالة في غضون أيام قليلة .. فراهن الجميع على ضعف مرسي وعدم قدرته على إدارة الصراع مع الدولة العميقة ..

فكيف تصرف الرئيس ؟ وهل الرئيس محمد مرسي رئيس قوي أم رئيس استبن؟

لنر كيف تعامل الرئيس - وحيداً - مع أركان الدولة العميقة منذ توليه الحكم:-

============
المؤسسة العسكرية
============
أقوى أركان الدولة العميقة هم العسكر .. كان العسكر شركاء في السلطة التنفيذية مع الرئيس ، ويستحوذون أيضاً على السلطة التشريعية بأكملها .. استطاع الرئيس أن يلغي إعلان العسكر وانتزع منه السلطة التشريعية ، ثم أقصى العسكر من السلطة التنفيذية وطردهم من دهاليز الدولة إلى غير رجعة.. وبالتالي تفرغت الدولة المصرية من حكم العسكر تماماً لأول مرة منذ 60 عاماً.

=========
مؤسسة القضاء
=========
أحد أهم أركان الدولة العميقة هي المؤسسة القضائية صاحبة مسلسل البراءة للجميع وآخره حلقة براءة صفوت الشريف وأنس الفقي .. قاد هذا الركن مرتضى منصور وأحمد الزند وسامح عاشور، وعلقت بعض المحاكم عملها فور إصدار الإعلان الدستوري للضغط على إلغاءه .. استطاع الرئيس أن يتغلب على الزند ورفاقه وتم الإشراف على الاستفتاء بصورة كاملة.

===========
المؤسسة النيابية
===========
كان عبد المجيد محمود أداه رئيسية للدولة العميقة في الحفاظ على ملفات الفساد من الظهور وضمان عدم فتحها ، بالإضافة لتحريك دعوى بطلان انتخابات الرئاسة المقدمة من أحمد شفيق .. حاول الرئيس أن ينحيه ولكن تحالف بعض رجال النيابة والقضاء حال دون ذلك .. ولاحقاً استطاع الرئيس رغم محاولات رجال الدولة العميقة في النيابة والقضاء أن ينحي عبد المجيد محمود جانباً واستبدله بنائب عام جديد ليبدأ تشكيل نيابة الثورة وبدء النظر في عمل لجنة تقصي الحقائق.

======
الحكومة
======
تولى الرئيس السلطة مع تعيين حكومة الجنزوري ثم هشام قنديل بواسطة العسكر في ظل سيطرة العسكر الفعلية على الحكم .. تم افتعال أزمات شعبية عدة مثل الانقطاع المستمر للكهرباء ، وسكب السولار والبنزين في الصحراء .. تمت السيطرة بنسبة كبيرة على أغلب الأزمات المفتعلة وسيتم تشكيل حكومة نظيفة تماماً مع انعقاد مجلس الشعب القادم بإذن الله.

======
الدستور
======
تولى الرئيس السلطة تحت إمرة إعلان دستوري مكبل يفرغ الرئيس من صلاحياته وراهن الجميع على عدم قدرة إعداد دستور للبلاد خصوصاً بعد استخدام الدولة العميقة لسلاح المحكمة الدستورية العليا لحل مجلس الشعب ، ثم انسحاب رجال الدولة العميقة من الجمعية التأسيسية الثانية (منهم قلة من المخلصين) .. وبالفعل كان هناك حكماً جاهزاً في أدراج الدستورية العليا ببطلان الجمعية التأسيسية وبطلان مجلس الشورى.

استطاع الرئيس أن يحفظ سير الجمعية التأسيسية التي أتمت إصدار مشروع الدستور، واستطاع الرئيس أيضاً استكمال مجلس الشورى لدورته الحالية ، وبالفعل تم الاستفتاء علي الدستور وإقراره، وانتقلت السلطة التشريعية من العسكر إلى الرئيس ثم إلى مجلس الشورى ولاحقاً إلى مجلس الشعب بإذن الله.

=========
الفلول والنخبة
=========
تكالب رجال الدولة العميقة من الفلول والنخبة ووقفوا صفاً بصف ودعوا إلى اقتحام قصر الاتحادية والاعتصام فيه لإسقاط الرئيس وإعلان المجلس الرئاسي المدني ، وبالفعل انسحبت الداخلية من محيط الداخلية وتواطأ الحرس الجمهوري وكاد الرئيس أن يسقط لولا تدخل الإخوان ودفاعهم عن شرعية الرئيس وسقوط 10 شهداء منهم أمام الاتحادية .. صمد الرئيس أمام النخبة المتعفنة والفلول والدولة العميقة بأسرها التي أرادت أن تسقطه.

================
الداخلية والإعلام والإمارات
================
هؤلاء الثلاث لا يستطيع الرئيس السيطرة عليهم .. فالداخلية هي الأداة الباطشة للدولة العميقة ، وتسببت في قتل المتظاهرين وتعذيب السجناء في عهد الرئيس الجديد ، وانسحبت من أمام قصر الاتحادية والقائد إبراهيم أيضاً ، ولازالت الداخلية متقاعسة عن أداء واجبها الوطني والمهني حتى هذه اللحظة نظراً على ولاءها للدولة العميقة ، فهي دوماً كانت الأداة الأشرس والأقوى للدولة العميقة ..

أما عن الإعلام فحدث ولا حرج ، فالإعلام يبث جميع قنواته 24 ساعة متواصلة بغرض مهاجمة الرئيس وأحياناً سبه أو الاستهزاء به ..

بالإضافة إلى أن هناك رسميات تفيد بأن هناك أموالاً بالملايين تُحول من الإمارات إلى مصر عبر حسابات رجال أعمال الحزب الوطني .. فأحمد شفيق وضاحي خلفان يلعبان دوراً رئيساً في زعامة الصراع من هناك ، كما أن الأخير لا ينفك عن التصريح بسقوط الإخوان وهزيمة الرئيس .. ورغم ذلك صمد الرئيس أمام مخطط الإمارات بفضل الله.

وصمد الرئيس وحيداً ومنفرداً في مواجهة الداخلية والإعلام ومخطط الإمارات وصمد أمامهما بفضل الله.

=======================================

عزيزي القارئ .. نختلف أو نتفق مع خطوات كثيرة اُتخذت في الفترة الفائتة ، ولكن هذا لا يمنعك أن تنظر إلى الرئيس بعين صائبة .. فالرجل الذي يقف وحيداً في مواجهة دولة عميقة شمولية يتجذر فسادها في كافة المؤسسات الحكومية وغير الحكومية ، ويستطيع في أقل من سنة واحدة فقط تحقيق استقرار سياسي في مواجهة فساد متفشي استمر لمدة عشرات السنوات وفي ظل هجوم شرس عليه من الداخل والخارج ، هو رجل قوي يفهم ماهية عمله وبارع في إدارة الصراع.

وقديماً قالوا : (التطهير قبل التطوير)

والله غالب ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق